البيانات الصحفية

مصر: إحالة 415 مواطناً لمحاكم الإرهاب

مصر: إحالة 415 مواطناً لمحاكم الإرهاب

تعرب منظمة “صحفيات بلا قيود” عن بالغ قلقها إزاء التطور القضائي والأمني الخطير الذي شهدته مصر يوم الخميس الماضي، والمتمثل في قرار محكمة استئناف القاهرة إحالة 415 مواطنًا ومواطنة إلى المحاكمة أمام دوائر الإرهاب في ثلاث قضايا منفصلة،

في إطار نمط ممنهج من الانتهاكات الجسيمة للحقوق الأساسية، وعلى رأسها الحق في المحاكمة العادلة، وضمانات عدم التكرار، والحماية من التعذيب والاختفاء القسري.

وتتابع المنظمة بقلق بالغ ما ورد من شهادات رسمية لهيئات الدفاع عن المتهمين، والتي أكدت أن المحامين لم يُمنحوا أي فرصة للاطلاع على أوراق القضايا أو قوائم الاتهام منذ بدء التحقيقات، ما يشكل انتهاكًا صارخًا لحق الدفاع المنصوص عليه في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 54 من الدستور المصري نفسه، التي تشترط إبلاغ المتهم بأسباب احتجازه وسرعة تمكينه من الدفاع عن نفسه.

وتشير المنظمة إلى أن القضايا الثلاث المحالة، لا سيما القضية رقم 1935 لسنة 2021 أمن دولة عليا، التي تضم 125 متهمًا من بينهم 54 من أبناء سيناء وعدد كبير من النساء، تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات العدالة، حيث استندت الاتهامات إلى تحريات أمنية فقط، دون تقديم أدلة مادية أو شهود، وتم احتجاز المتهمين احتياطيًا لأربع سنوات، في مخالفة صريحة للمادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، والتي تحدد الحد الأقصى للحبس الاحتياطي بعامين.

وتسجّل المنظمة بقلق خاص الانتهاكات التي طاولت النساء السيناويات، ممن لم تُنسب إليهن تهم مباشرة، بل جرت ملاحقتهن فقط على خلفية صلات قرابة برجال سبق اتهامهم، في ما يُعد انتهاكًا صريحًا لمبدأ شخصية العقوبة، وخرقًا خطيرًا للتقاليد الاجتماعية والقبلية في المجتمع السيناوي، قد يؤدي إلى تفكك النسيج المجتمعي وازدياد مشاعر الغضب والتهميش.

كما أن منظمة بلا قيود التي أصدرت تقريرا قبل أيام عن السجون المصرية تدين استمرار السلطات المصرية في انتهاج سياسة “التدوير القضائي”، من خلال إعادة اعتقال أفراد سبق حصولهم على أحكام بالبراءة أو قرارات إخلاء سبيل، مثلما ورد في القضية رقم 1107 لسنة 2020، والتي أعيد فيها تدوير 68 معتقلاً، بينهم حالات إنسانية وصحية حرجة، على رأسها المواطن حمادة عبد الجواد بيدق (60 عامًا)، الذي يعاني من أمراض صدرية حادة وحُرم من العلاج رغم عشرات النداءات. وتؤكد المنظمة أن إعادة محاكمة نفس الشخص مرارًا بتهم متكررة يُعد انتهاكًا لمبدأ “عدم جواز محاكمة الفرد على الجُرم نفسه مرتين” الوارد في المواثيق الدولية.

وتطالب المنظمة بفتح تحقيق عاجل ومحايد في الانتهاكات الجسدية والنفسية التي طاولت المعتقلين، خاصة ما يتعلق بالاختفاء القسري والتعذيب والإكراه على الاعتراف، وفقًا لما وثقته منظمات حقوقية مستقلة، مثل “الجبهة المصرية لحقوق الإنسان” و”سيناء لحقوق الإنسان”، والتي أشارت إلى أن نيابة أمن الدولة تتجاهل بشكل منهجي أي شكاوى موثقة من المحامين أو الأهالي.

وتدعو “صحفيات بلا قيود” إلى الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفيًا، خاصة النساء والمسنين ومن سبق تبرئتهم، ووقف ممارسات التدوير القضائي ومحاسبة المسؤولين عنها سواء من الأجهزة الأمنية أو القضائية، مع ضرورة تمكين المحامين من الاطلاع الكامل على ملفات القضايا وضمان حضورهم أثناء التحقيقات، وتشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق بشأن انتهاكات المحاكمات السياسية وسوء استخدام قانون الإرهاب، إلى جانب دعوة المجتمع الدولي إلى مراقبة المحاكمات الجارية في مصر ومطالبة الحكومة المصرية باحترام التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان.

 إن ما تشهده مصر اليوم من تكرار هذه الممارسات، وخصوصًا بحق فئات مستضعفة من النساء وكبار السن، لا يعكس فقط أزمة عدالة، بل يهدد بتقويض ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، ويفتح الباب لمزيد من التدهور الحقوقي والاجتماعي في البلاد.

صادر عن منظمة صحفيات بلا قيود

16/ يونيو/ 2025

Image