
القاهرة- تعرب منظمة صحفيات بلا قيود عن إدانتها الشديدة لمواصلة السلطات المصرية التنكيل بالمحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان هدى عبد المنعم،
عبر إحضارها إلى جلسات المحاكمة وهي في حالة صحية حرجة، كان آخرها في 14 مايو/أيار 2025، حيث نُقلت في سيارة إسعاف إلى مجمع محاكم بدر لحضور أولى جلسات محاكمتها في القضية الجديدة رقم 730 لسنة 2020، بعد أكثر من سبعة أشهر من إعادة تدويرها على ذمة التحقيق عقب انقضاء مدة عقوبتها السابقة.
إن إجبار ناشطة حقوقية في وضع صحي حرج – تعاني من جلطة بالقدم، وتوقف في الكلية اليسرى، وارتجاع باليمنى، وأزمة قلبية، واختلال توازن مزمن، إضافة إلى إصابتها بالسكري – على حضور جلسات محاكمة عبثية، يكشف عن نهج ممنهج في الانتهاك المتعمد والانتقامي ضد من تجرؤ على الدفاع عن الحقوق والحريات في مصر.
وكانت السلطات قد اعتقلت هدى عبد المنعم بتاريخ 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وظلت رهن الاختفاء القسري لمدة 21 يومًا، قبل أن يُكشف عن مكان احتجازها في مقر أمني بالعباسية. واستمر حبسها الاحتياطي بشكل تعسفي لأكثر من أربع سنوات حتى مارس/آذار 2023، حين أصدرت محكمة أمن الدولة طوارئ حكمًا بسجنها خمس سنوات على خلفية القضية رقم 1552 لسنة 2018، بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب.
ورغم انقضاء مدة الحكم في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم يُفرج عنها، بل تم تدويرها في اليوم نفسه على ذمة قضية جديدة تحمل نفس الاتهامات، في خرق صارخ لمبدأ “عدم محاكمة الشخص عن الجريمة ذاتها مرتين”، وهو ما يشكل انتهاكًا فاضحًا لأبسط قواعد العدالة ومعايير المحاكمة العادلة، المكفولة بموجب القانون الدولي.
إن ما تتعرض له هدى عبد المنعم يمثل نموذجًا متكررًا لما أصبح سياسة ممنهجة في مصر، تقوم على إدامة الحبس الاحتياطي عبر التدوير المستمر، وتحكم الأجهزة الأمنية في قرارات القضاء، وهو ما يتجلى كذلك في قضايا كثيرة ليس أخرها قضايا علاء عبد الفتاح، وإبراهيم متولي، وغيرهم من الحقوقيين والسياسيين القابعين خلف القضبان رغم انتهاء مدد حبسهم أو غياب أي أدلة قانونية ضدهم.
ويأتي كل ذلك في الوقت الذي تسعى فيه السلطات المصرية لتلميع صورتها قبيل كل جلسة مراجعة دورية شاملة في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، عبر تصريحات رسمية تتحدث عن تحسينات في سجل حقوق الإنسان، في حين يتواصل القمع من خلال منع الزيارات، الحرمان من الرعاية الصحية، التشهير، والتعديلات القانونية التي تُقنِّن التعدي على الحريات، بدلًا من وقفها.
إن منظمة صحفيات بلا قيود تؤكد أن قضية هدى عبد المنعم ليست معزولة، بل جزء من منظومة قمعية واسعة تستهدف المدافعين والمدافعات عن الحقوق، وتُعبّر عن غياب الإرادة السياسية في احترام سيادة القانون. وعليه، نطالب بـالإفراج الفوري وغير المشروط عن هدى عبد المنعم، وإنهاء سياسة التدوير، ومحاسبة كل من تورط في تعريضها للإهمال الصحي وسوء المعاملة، كما ندعو المجتمع الدولي، ومؤسسات الأمم المتحدة، إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والضغط الجاد على السلطات المصرية من أجل وقف نزيف الانتهاكات وضمان حرية وسلامة كافة المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر.
صادر عن: منظمة صحفيات بلا قيود
26 مايو/أيار 2025
