البيانات الصحفية

غزة: جيش الاحتلال ينقل أعمال الإبادة إلى مستوى أفظع

غزة: جيش الاحتلال ينقل أعمال الإبادة إلى مستوى أفظع

قالت منظمة صحفيات بلا قيود إن الانتهاكات الجارية في قطاع غزة تجاوزت كل حدود المنطق والقانون، مؤكدةً أن ما يتعرض له السكان في واحدة من أكثر مناطق العالم اكتظاظًا بالسكان لا يمكن تفسيره إلا كمحاولة منهجية لمحو المدينة الفلسطينية وسكانها الأصليين من الوجود.

وأشارت المنظمة إلى أن إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء عملية برية واسعة شمال وجنوب قطاع غزة، يشكل إعلانًا رسميًا بنقل أعمال الإبادة الجماعية، المستمرة منذ 19 شهرًا، إلى مرحلة أشد فتكًا ووحشية، حيث تصاعدت، في الأيام الماضية، الهجمات التي تستهدف المدنيين وتُرتكب فيها مجازر جماعية، إلى جانب التدمير الممنهج للبنية التحتية والمنازل وأوامر التهجير القسري.
وفي غضون الثلاثة الأيام الأخيرة، قتلت قوات الاحتلال أكثر من 500 فلسطيني، وهجّرت نحو 300 ألف مدني من محافظة شمال غزة وحدها، كما دمرت ما لا يقل عن 1000 وحدة سكنية، وفق بيانات اطلعت عليها صحفيات بلا قيود.
ووفق بيان صادر عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، بلغ عدد ضحايا العدوان منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى اليوم 53,339 شهيدًا، فيما بلغ عدد القتلى منذ استئناف الإبادة الجماعية في 18 مارس/آذار الماضي وحده 3,193 قتيلًا، معظمهم من النساء والأطفال.

فرض واقع جديد

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، 18 أيار، عن بدء عملية برية واسعة النطاق في مناطق شمال وجنوب قطاع غزة، ضمن ما تُعرف بـ"عملية عربات جدعون"، والتي أُقرت رسميًا من قِبل "الكابينت" الإسرائيلي في مطلع مايو/أيار الجاري. وبحسب التصريحات الصادرة، تهدف هذه العملية إلى فرض وقائع ميدانية جديدة من خلال سياسة التجويع الممنهج، وارتكاب المجازر الجماعية، ومنع دخول الغذاء والدواء، في محاولة لإعادة تقسيم قطاع غزة إلى مناطق معزولة، وحشر مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين في منطقة جغرافية ضيقة، بما يمهّد عمليًا لسياسة تهجير قسري جماعي، وإعادة تشكيل النسيج الجغرافي والديمغرافي للقطاع بما يخدم أهداف الاحتلال الاستيطانية.
وأوضحت صحفيات بلا قيود، بأن التقديرات الميدانية تشير إلى أن نحو 70% من مساحة قطاع غزة أصبحت تحت سيطرة قوات الاحتلال قبيل الإعلان عن العملية البرية، وتُصنف هذه المساحة على أنها "مناطق حمراء"، حيث تمنع قوات الاحتلال، الفلسطينيين من العودة إليها، أو أنها خاضعة لأوامر تهجير قسري فعّالة، في انتهاك صريح للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف الرابعة.

لا مكان آمن في غزة

واستهدف الاحتلال بشكل مباشر وممنهج كل ما يتحرك شمال غزة، بما في ذلك المدنيين الفارين من القصف والذين يبحثون عن مأوى، وطواقم الإنقاذ،  كما شنت الطائرات المُسيرة هجمات على مئات الخيام المخصصة لإيواء نازحين شمال غزة، بينما باتت آلاف العائلات النازحة بلا خيام أو مراكز إيواء في وسط غزة، والمناطق التي حددتها قوات الاحتلال كمناطق إنسانية تنعدم مقومات الحياة فيها.
ورصدت صحفيات بلا قيود، عدد من الهجمات التي شنتها قوات الاحتلال واستهدفت فيها المدنيين والنازحين أو المرافق الخدمية والصحية في المناطق التي حددتها للنازحين تحت مسمى مناطق إنسانية، ما يشير إلا أنه لا يوجد أي مكان آمن في قطاع غزة، وأن قوات الاحتلال تعمل على محو كامل غزة وإفناء أبنائها الفلسطينيين.
وشنت الطائرات الحربية، قصفا على الخيام والشقق السكنية في منطقة مواصي خان يونس، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات واندلاع الحرائق في الخيام التي ينام فيها النازحين.

تدمير المنازل والمرافق
على امتداد الحرب، تجاوز عدد الوحدات السكنية المدمرة كلياً أو جزئياً 330 ألف وحدة . ووصلت نسبة التدمير في مناطق مثل حي الشجاعية وبلدة بيت حانون، إلى نحو 90%.
ومنذ استئناف الحرب، شنت قوات الاحتلال أكثر من 300 هجوم على مبانٍ سكنية وخيام ومرافق خدمية، وحالياً، تواصل قوات الاحتلال تنفيذ عمليات تدمير واسعة لمنازل وتجمعات سكانية شمال غزة وخانيونس ورفح، في سياق ممنهج لمحو المدن الفلسطينية وتهجير سكانها قسرًا. وتشارك شركات إسرائيلية في هذا التدمير، في تنفيذ صريح لتصريح رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، الذي قال: سنواصل تدمير بيوت غزة حتى لا يبقى للفلسطينيين مأوى ولن يتبقى لهم سوى الرحيل.
واطلعت صحفيات بلا قيود، على أدلة مرئية، تكشف عن تكدس عشرات الجثامين والمصابين في أروقة المستشفيات العاجزة عن تقديم الخدمات الصحية بسبب انهيار المنظومة الصحية التي تستهدفها قوات الاحتلال عمداً، كما لا يزال العدد الكثير من الضحايا تحت الأنقاض وعجزت فرق الإنقاذ من الوصول إليهم.
في 13 مايو، قصفت القوات مستشفى غزة الأوروبي ومحيطه، مستخدمة ذخائر ذات  تدمير واسع، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة ومقتل مدنيين، بينهم عائلات كاملة وصحفيون. ومنعت قوات الاحتلال طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إلى الضحايا، عبر استهدافهم المباشر، واستمر القصف إلى اليوم التالي.
هذا الهجوم يأتي بعد تدمير أقسام في مجمع "ناصر" الطبي، حيث قُتل صحفي ومدير شرطة، وأصيب مرضى، كما استهدفت مستشفيات أخرى، مثل مستشفى الصداقة التركي والأهلي، ضمن سياسة منهجية لتفكيك النظام الصحي، أدت إلى  خروج 36 مستشفى عن الخدمة، علماً بأن سلطات الاحتلال، تمنع منذ مارس دخول الأدوية والوقود والمساعدات والبضائع، تماماً إلى قطاع غزة، ضمن تدابير تهدف إلى تجريد الفلسطينيين من مقومات البقاء وإفقادهم آخر سبل العيش.

عقوبات دولية

وتؤكد منظمة صحفيات بلا قيود أن ما يجري في قطاع غزة من هجمات واسعة النطاق، وقتل جماعي للمدنيين، وتدمير منهجي للبنية التحتية والمرافق الصحية، وتهجير قسري، يمثل انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف، وارتكابًا متواصلاً لأركان جريمة الإبادة الجماعية، وفقًا لنصوص اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وتدعو صحفيات بلا قيود، مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة إلى التحرك الفوري لوقف أعمال الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وفرض عقوبات دولية فاعلة على سلطات الاحتلال لردعها عن مواصلة أعمال الإبادة.
وتطالب صحفيات بلا قيود، بتوفير الحماية الدولية للسكان المدنيين في غزة، وعلى رأسهم الصحفيون والطواقم الطبية، وضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وآمن ودون قيود.
وتشير إلى إن الإفلات المستمر من العقاب يشجّع الاحتلال على المضي في سياسة الإفناء الجماعي، ويهدد النظام الدولي بأكمله، لذلك يجب أن يكون  التحرك العاجل والجاد مسؤولية أخلاقية وقانونية لا تقبل التأجيل، وقالت صحفيات بلا قيود بأن ما يحدث في غزة اليوم ليس مجرد عدوان عابر، بل هو فصل جديد من فصول الإبادة الجماعية الممنهجة التي تستهدف الوجود الفلسطيني بكامله، وإن صمت المجتمع الدولي يشكل تواطؤاً تاريخياً لن يُغتفر.

 

Image